حدى مشاكل الإنسان مع الحقيقة أنه يخاف مواجهتها بقدر ما يرغب فيها، ويؤجّل الحديث عنها بقدر ما يشتاق للقائها، ولا يحسن النظر إليها بقدر ما يؤمن بجمالها فتضيع عليه بذلك فرصة معانقتها .
ـ 1 ـ
ما إن تهاوت الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي حتى بدت الفرصة متاحة أمام الشعوب الإسلامية التي تحولت إلى دول قطرية للحديث عن واقعها وخيارات المستقبل، بعيدا عن جلاوزة «الرجل المريض» وهمينة «السلطان» السياسية والاجتماعية والثقافية. هناك وتزامنا مع بدايات الاستعمار بدأ الحديث في العالم العربي ـ الإسلامي عن «مشروع النهضة» رؤية ومنهجا بالإضافة إلى آليات عمل، واشدّ الأمر إلحاحا في الوسط العربي تحديدا مع بداية الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وإلى اليوم، أي بعد مضي قرنٍ من الزمان، وأطراف الجواب عن سؤال مشروع النهضة محل شد وجذب تيارات فكرية متنوعة ومتعددة في واقعنا، وشاءت الأقدار أن يكون لكل منها صولة وجولة و"دولة" .
ـ 2 ـ
يتفق كلُ من أراد المساهمة في مشروع النهضة أن جذر مشكلة التخلف في واقعنا العربي ـ الإسلامي يكمن في «الثقافة» المهيمنة على الشعوب التي بدورها تؤسس وتمهد الطريق لبقية التعقيدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فبات السؤال هو: أي ثقافة هي الكفيلة بالنهضة الحضارية لواقعنا؟ بعبارة أخرى: ما هي ثقافة النهضة؟
وها هنا تحديدا تمايزت ألوان تيارات فكر النهضة التي بدورها عكست مشاريع واقعية في مختلف ساحات الأمة، كان لكل منها أثرٌ ونتيجة في واقع ومستقبل قواعد عريضة من أفراد المجتمع.
والذي لابد من تسجيله هنا هو: أن كثيرا من تلك الخيارات كانت مستعجلة، وغير ناضجة، وخاضعة لضغوط ظرفية، وتلك من مشاكل الإنسان العجلة والضعف، إذ إنها ما إن واجهت حقائق الضعف فيها حتى تهاوت وانهارت. وهذا للأسف ما يتكرر في العديد من مشاريعنا الصغيرة والكبيرة، حيث تُبنى في ظروف مستعجلة وعلى أسس واهية، وتنهار في مواجهات سريعة، ويتكفل ثمنها أجيال من الأمة، ثم يعود قادتها بعد حين من الدهر ليعلنوا الكفر بالماضي، والتوبة عنه لكن من دون سداد «عِوض» لأهلها.
ـ 3 ـ
إحدى النقاط الأساسية في سؤال ثقافة النهضة التي لم تأخذ حقها المطلوب من التفكير والمراجعة هي مسألة «المرجعية القرآنية» في تأسيس وتأصيل ثقافة النهضة، بل يمكن القول انها أقل المسائل عناية من قِبل المهتمين، وأكثر من ذلك أن درجة ومستوى التعاطي الذي كان معها لا يرتقي إلى أكثر من مستوى العواطف الشعبية والتقاليد الموروثة في التعامل مع القرآن ككتاب مقدس لا أكثر.
إذ إن التيارات القومية والماركسية بعد أن كفرت بالمضمون الديني من أساسه لم تتعامل مع القرآن إلا ككتاب قومي في بعده اللغوي الأدبي، وصار مفخرة في هذا البعد لا أكثر، أما عن مضامينه الفكرية والثقافية فقد ضربت بينها وبينه حجابا ثقيلا.
ومن جهة التيارات العلمانية والليبرالية فبحكم البيئة التي نشأت فيها؛ البعيدة عن أرضية اللغة العربية الأصيلة فضلا عن الثقافة الإسلامية أو العربية التاريخية، ولأنها معبئة بالثقافة الغربية، باتت جاهلة بالقرآن أصلا، فلا تعرفه وإن عرفته اسما أو رسما لا تستطيع التعامل أو التواصل معه، ناهيك عن أزمة الانبهار بالثقافة الغربية التي كانت هي الأخرى حجابا ثقيلا بينها وبين القرآن.
أما عند التيارات الإسلامية بصورة عامة فالوضع لم يكن أفضل حالا، فمع كل ما يرى من عاطفة جياشة تجاه القرآن، أو مراسيم شعائرية يكون للقرآن فيها حضور، أو شعارات تعبوية تنادي به إلا أن مسألة الحديث الجدي في «مرجعية القرآن الفكرية» لم تتحول إلى مناهج حقيقية، وذلك يرجع إلى أسباب لا يسع المقام الكلام فيها.
ـ 4 ـ
ما نعتقده أن الخسارة كانت كبيرة للأمة بمختلف تياراتها، وبمختلف مستوياتها الحضارية؛ السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية، لعدم تعاطيها التعاطي المطلوب مع مسألة «المرجعية القرآنية» في ثقافة النهضة، ولكن الظرف الحضاري العالمي اليوم يعد فرصة أخرى للحديث بجدية في هذه المسألة.
مما يفتح باب السؤال: ما هو موقع القرآن الكريم في ثقافة النهضة؟ وكيف نتعاطى بجدية مع هذا السؤال؟ وما هي المنهجية المطلوبة في التعامل مع القرآن الكريم؟.
ـ 1 ـ
ما إن تهاوت الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي حتى بدت الفرصة متاحة أمام الشعوب الإسلامية التي تحولت إلى دول قطرية للحديث عن واقعها وخيارات المستقبل، بعيدا عن جلاوزة «الرجل المريض» وهمينة «السلطان» السياسية والاجتماعية والثقافية. هناك وتزامنا مع بدايات الاستعمار بدأ الحديث في العالم العربي ـ الإسلامي عن «مشروع النهضة» رؤية ومنهجا بالإضافة إلى آليات عمل، واشدّ الأمر إلحاحا في الوسط العربي تحديدا مع بداية الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وإلى اليوم، أي بعد مضي قرنٍ من الزمان، وأطراف الجواب عن سؤال مشروع النهضة محل شد وجذب تيارات فكرية متنوعة ومتعددة في واقعنا، وشاءت الأقدار أن يكون لكل منها صولة وجولة و"دولة" .
ـ 2 ـ
يتفق كلُ من أراد المساهمة في مشروع النهضة أن جذر مشكلة التخلف في واقعنا العربي ـ الإسلامي يكمن في «الثقافة» المهيمنة على الشعوب التي بدورها تؤسس وتمهد الطريق لبقية التعقيدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فبات السؤال هو: أي ثقافة هي الكفيلة بالنهضة الحضارية لواقعنا؟ بعبارة أخرى: ما هي ثقافة النهضة؟
وها هنا تحديدا تمايزت ألوان تيارات فكر النهضة التي بدورها عكست مشاريع واقعية في مختلف ساحات الأمة، كان لكل منها أثرٌ ونتيجة في واقع ومستقبل قواعد عريضة من أفراد المجتمع.
والذي لابد من تسجيله هنا هو: أن كثيرا من تلك الخيارات كانت مستعجلة، وغير ناضجة، وخاضعة لضغوط ظرفية، وتلك من مشاكل الإنسان العجلة والضعف، إذ إنها ما إن واجهت حقائق الضعف فيها حتى تهاوت وانهارت. وهذا للأسف ما يتكرر في العديد من مشاريعنا الصغيرة والكبيرة، حيث تُبنى في ظروف مستعجلة وعلى أسس واهية، وتنهار في مواجهات سريعة، ويتكفل ثمنها أجيال من الأمة، ثم يعود قادتها بعد حين من الدهر ليعلنوا الكفر بالماضي، والتوبة عنه لكن من دون سداد «عِوض» لأهلها.
ـ 3 ـ
إحدى النقاط الأساسية في سؤال ثقافة النهضة التي لم تأخذ حقها المطلوب من التفكير والمراجعة هي مسألة «المرجعية القرآنية» في تأسيس وتأصيل ثقافة النهضة، بل يمكن القول انها أقل المسائل عناية من قِبل المهتمين، وأكثر من ذلك أن درجة ومستوى التعاطي الذي كان معها لا يرتقي إلى أكثر من مستوى العواطف الشعبية والتقاليد الموروثة في التعامل مع القرآن ككتاب مقدس لا أكثر.
إذ إن التيارات القومية والماركسية بعد أن كفرت بالمضمون الديني من أساسه لم تتعامل مع القرآن إلا ككتاب قومي في بعده اللغوي الأدبي، وصار مفخرة في هذا البعد لا أكثر، أما عن مضامينه الفكرية والثقافية فقد ضربت بينها وبينه حجابا ثقيلا.
ومن جهة التيارات العلمانية والليبرالية فبحكم البيئة التي نشأت فيها؛ البعيدة عن أرضية اللغة العربية الأصيلة فضلا عن الثقافة الإسلامية أو العربية التاريخية، ولأنها معبئة بالثقافة الغربية، باتت جاهلة بالقرآن أصلا، فلا تعرفه وإن عرفته اسما أو رسما لا تستطيع التعامل أو التواصل معه، ناهيك عن أزمة الانبهار بالثقافة الغربية التي كانت هي الأخرى حجابا ثقيلا بينها وبين القرآن.
أما عند التيارات الإسلامية بصورة عامة فالوضع لم يكن أفضل حالا، فمع كل ما يرى من عاطفة جياشة تجاه القرآن، أو مراسيم شعائرية يكون للقرآن فيها حضور، أو شعارات تعبوية تنادي به إلا أن مسألة الحديث الجدي في «مرجعية القرآن الفكرية» لم تتحول إلى مناهج حقيقية، وذلك يرجع إلى أسباب لا يسع المقام الكلام فيها.
ـ 4 ـ
ما نعتقده أن الخسارة كانت كبيرة للأمة بمختلف تياراتها، وبمختلف مستوياتها الحضارية؛ السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية، لعدم تعاطيها التعاطي المطلوب مع مسألة «المرجعية القرآنية» في ثقافة النهضة، ولكن الظرف الحضاري العالمي اليوم يعد فرصة أخرى للحديث بجدية في هذه المسألة.
مما يفتح باب السؤال: ما هو موقع القرآن الكريم في ثقافة النهضة؟ وكيف نتعاطى بجدية مع هذا السؤال؟ وما هي المنهجية المطلوبة في التعامل مع القرآن الكريم؟.